موضوع: المراقي والتداني والمقامات العالية الثلاثاء يوليو 12, 2016 9:25 am
[frame="3 10"] لقد سمعنا أن الصالحين يقومون الليل، ويديموا ذكر الله، ويبسطوا أيديهم بالعطاء لفقراء الله، وأوقاتهم كلها في طاعة الله ورضاه ولكن كل هذه الأشياء: لا تنفع، ولا ترفع، ولا تُقبل، ولا يتنزل بها الفضل من الله، إلا إذا أحكم العبد الأساس الأول في دين الله.
ما هذا الأساس؟
قد ورد فى الأثـر المشــهور:{لِكُلِ شَيٍء أسَاسٌ، وأسَاسُ هذا الدِّينِ الَمطْعَمُ الحَلال}. هب أنك ملأت الأرض والبحر والسماء عبادة لله وأنت لا تتنزَّه في مطعمك عن الحرام الذي حرَّمه الله؟ وليس الحرام فقط؟ ولكن عن الشبهات، لأن الذي يتنزَّه عن الحرام ، هو من يريد ألا يدخل جهنم.
لكن الذي يريد المراقي والتداني، والمقامات العالية يجب أن ينزِّه نفسه عن الشبهات، والذي لا ينزِّه نفسه عن الشبهات؛ يدخل في قول الله:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً}الفرقان23
فلا داعي لهذا العمل .. لماذا؟ ألم ترَ اللافتة التي كتبها ربُّنا على الذكر والفكر والصلاة
وهم الذين أطعموا أجسامهم اللقمة الحلال التي أباحها شرع الله، وأخذوا ترخيصاً في تحصيلها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا هو جهاد العارفين الأساسي، والأول الذي يستميتون فيه، ولا يسمح الإنسان منهم لنفسه أن يتهاون في ذرَّة منه، أو في قدر أنملة منه، لأن المعصوم صلى الله عليه وسلم حذَّر وأنذر، وقال: {وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ اللُّقْمَةَ الْحَرَامَ فِي جَوْفِهِ مَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلٌ أَرْبَعِينَ يَوْماً}{1}
أربعين يوماً يكون محروماً من أي عمل يُرفع للحيِّ القيُّوم، مهما يجتهـد، ومهما يتماوت ومهما يتباكى ومهمــا يتظاهر أنه من الصالحين، ومن المتقين، فهذا الكلام لا ينفع عند العليم الخبير: فلقمة واحدة تمنع عبادة أربعين يوماً، وتحكم عليه المحكمة الإلهية بذلك. وهذا إذا تاب وأناب
ولكن إذا واصل في هذا الأمر فيكون قد بعد عن منهج الله، ولا ينتظر ذرَّة من عطاء الله وفضل الله وكرم الله، لأنه لم يحكم الأساس وكل عمل سيعمله؛ سيكون هباءاً منثوراً.
{1} رواه الطبرانى فى الصغير عن ابن عباس رضي الله عنهما